الخميس، 21 أبريل 2022

خلف الأفق

 

خلف الأفق

هل وصلت يومًا إلى القمة، وسألت نفسك وماذا بعد القمة؟ أو وأنت تسير على السلم النجاح توقفت، وسألت وماذا بعد النجاح؟

حياتنا بنيت على أهداف وطموحات وهذه الحقيقة، فنحن دائمًا ما نبحث عن سبب يدفعنا للمضي قدمًا، ومواصلة هذه الحياة. قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}سورة البقرة الآية: (٣٠) ولكن هل سألنا أنفسنا ماذا بعد الهدف؟ ماذا سنفعل ما إن نحن وصلنا للقمة؟ هاك ما نشرته جريدة عكاظ، بعنوان: " ماذا بعد تحقيق الهدف" للكاتبة: ابتسام حلواني.

تقول الكاتبة: 

" بعض الناس.. ليس له هدف في هذه الحياة.. فهو يعيش يومه وأمسه وغده بالطريقة نفسها، يترك كل شيء للظروف.. يتقبل ما يأتي به الزمان وقد يرفضه في قرارة نفسه لكنه لا يعترض ولا يأبه كثيرًا، بعض آخر.. لديه أهداف وتطلعات، لكن أهدافه الآنية تفرض وجودها وتضيق عليه فرص البحث عن الطريق نحو الأهداف البعيدة، كالإنسان الذي تشغله هموم توفير لقمة العيش الكريم لأسرته عن إكمال دراسته مثلًا أو عن التغرب من أجل منصب وظيفي يتمناه أو غير ذلك.
فئة أخرى من الناس، يضع أفرادها نصب أعينهم وربما منذ الصغر أهدافًا بعيدة المدى، يفكرون فيها ويحلمون بتحقيقها، يجاهدون في محاولة الوصول إليها، وقد يشتد الحماس ببعضهم لدرجة يتنازلون فيها عن بعض مبادئهم حيث تتقاذفهم الأيام والليالي بين شد وجذب حتى يحققوا أهدافهم بطريقة أو بأخرى. 
هذه الأهداف عمومًا، غالبًا ما تكون شهادة دراسية عليا، أو منصباً وظيفياً ،أو مركزاً مالياً ،أو اجتماعياً مرموقاً، حيث ينظر الناس إلى أي واحد منها كحلم بعيد المنال ويجدون في السير إليها حتى يبلغوها طال بهم الزمان أو قصر فماذا بعد؟ هل يكتفي الفرد وقتها بالوصول إلى هدفه ويرتاح وتهدأ نفسه؟
أتصور أن الإجابة هنا غالبا ما تكون بالنفي فمن بلغ رغبته من المال تغريه نفسه بالاستزادة منه والمجاهدة في سبيل ذلك، كما أن من يسعى إلى الحصول على منصب وظيفي عال مثلا ويستخدم في سبيل ذلك جهده ووقته وعلاقاته لا يكف عن التفكير في ترقية أكبر ومنصب أعلى، لذا تجده يتحرق شوقا للظهور عل الأنظار تلتفت إليه وتأخذه إلى وظيفة أكبر وهكذا. إذن لا يعني الوصول إلى الهدف عند الكثيرين نهاية المطاف، بل تتعود النفس السعي نحو أهداف أخرى أكبر وأعم، فلا تهدأ حتى تفارق الدنيا أو تغلبها الظروف والمواقف.
ينسى الإنسان وهو يسعى بحثًا عن تحقيق أهدافه أن ذلك الهدف كان مجرد حلم، لذا فإن عليه أن يستمتع بتحقيقه خاصة إذا كان هدفًا إيجابيًا وكان السعي إليه مشروعًا.. ينسى أن يشكر الله عز وجل على إكرامه له ببلوغ غايته التي كانت صعبة المنال.. يفوته أن يعيش اللحظة ويستمتع بجمالها، بل إن البعض ينسى كل شيء عدا رغبته الجديدة التالية وتحرقه للوصول إليها.. وهكذا.. فما هي قيمة وضع الإنسان لهدفه وتخطيطه للوصول إليه إذا كان لا يشعر بقيمة تحقيقه ولا يفرح ببلوغه؟
أنا لا أقول أن على الإنسان أن يتكاسل أو يتوقف أو يقتل الطموح داخل نفسه لكنني أتمنى أن يلتقط أنفاسه ويستمتع بما بلغه، أن يفيد نفسه ومن حوله بما حققه، أن يشعر بالسكينة والسلام وأن يسخر في الوقت نفسه ما وصل إليه في مساعدة الآخرين على الوصول. مشكلة الكثيرين منا أنهم ينسون ما كانوا عليه قبل تحقيقهم لأهدافهم فيفوتهم أن يشعروا بالفرق، وقد يتحولون إلى أعداء لأنفسهم وللآخرين فيصبح تحقيق الهدف وبالا عليهم وعلى من حولهم.
يستطيع الإنسان ببعض التأمل والتفكير المتزن وبعد الاستعانة بالله أولا أن يحدد وسيلة الوصول إلى هدفه بالجد والعمل الذي لا يفقده احترامه لنفسه، فإذا ما وصل حق له أن يفرح بما حقق، وأن يعزز هذا الفرح بالمزيد من التفاني في تحقيق أحلام من حوله قدر استطاعته. الدنيا ليست ساحة حرب نظل نقاتل على أرضها طول الزمان.. علينا أن نلتقط أنفاسنا وأن نحمد الله على ما حققنا قبل أن نعاود الركض، فلا قيمة لأي هدف إذا لم يؤد تحقيقه إلى بث الرضا والقناعة والامتنان في نفس الإنسان".

وبالختام تذكر أيها الإنسان، أنَّ الحياة ليست معركة، لذلك عليك أن تستمتع في كل لحظة تقضيها وأنت تحقق هدفك، ولكن تذكر أن وصولك للهدف الذي وضعته، ليست النهاية، بل هي بداية لهدف أكبر، وبداية لقصة بطل جديد، بطل قد جعل من تحقيق أهدافه قصة 

مغامرة يرويها الكبير قبل الصغير.

 

  بقلم: نور نعساني 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  عوض الله ما زالت ذكريات تلك الأيام في مخيلتي، تلك الأيام التي كنت قد وضعت ثقتي بأحدهم، فلم تمض الأيام إلا وقد خُذلت، مددت يومًا يدي لأحد...